الغفلة






قال الراغب.. الغفلة سهو يعتري الإنسان من قلة التحفظ والتيقظ، يقال: غفل فهو غافل..

كثيرة هي الآيات الكريمة التي تحدثت عن الغفلة ومنها هذه الآية الشريفة..

قال تعالى: ((يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ))الروم 7..


هذه الآية تشمل كل من ألهته الدنيا عن ذكر الله فهو غافل.. والغفلة تقابل التفكر والتذكر فهي بمثابة الحجاب عن كل ما هو موصل الى الباري عزّ وجلّ فيصد النور الآتي للقلب، فقد ورد عن امام الموحدين عليه السلام ((بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْمَوْعِظَةِ حِجَابٌ مِنَ الْغَفْلَةِ وَالغِرَّةِ))..

هذه هي حال الأغلبية من الناس وتختلف شدّة وضعفاً من واحد الى آخر.. فتكون سبباً لصد النور الآتي للقلب وشيئاً فشيئاً يتصحّر ويصبح خالياً من الإيمان..

وتعتبر الغفلة من أشد أسلحة الشيطان فتكاً بالانسان، فيجعله غارقاً بها من غير أن يعلم بأنّه غافل ((وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ))الزخرف 36، فترى الانسان ينشدّ الى الدنيا ويتلاهث عليها ويحرص على تعميرها بكل ما أوتي من قوّة بل يتقاتل من أجلها..

فتكون نتيجته أن ينسى الهدف الأساسي الذي من أجله خُلق فيبتعد رويداً رويداً عن تعاليم الله واجداً لنفسه الأعذار الوهمية لذلك، فيغترّ بنفسه وعمله وقد صدق أمير المؤمنين عليه السلام حينما قال ((اَلْغَفْلَةُ تَكْسِبُ الإغْتَرارَ وَتُدْنِي مِنَ البَوَارِ))..

وبابتعاده عن الله تعالى تكثر ذنوبه ومعاصيه فيُسلب الايمان من قلبه فتفسد أعماله بل لا يقبل له عمل أبداً، فينسى الآخرة وينسى انّ وراءه موت ومن ثم حساب وعقاب فتعمى بصيرته فهو في غفلة من كل ذلك ((فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ))الحج 46.. 

ومن الجدير بالذكر انّ الغالبية من الناس لا تشعر بالغفلة، لذا تجدهم يفعلون أفعالاً مخالفة للدين والمذهب في حين نجدهم يؤدون العبادات والطاعات ولكنهم لا يتوارعون عن فعل الذنوب المعاصي، فعلى سبيل المثال تجد شخصاً ملتزماً بصلاته وصومه ولكنه لا يلتزم بالحجاب أو عن سماع الأغاني وارتياد الحفلات والى غيرها من الأمور المحرمة.. 

لذا ينبغي للانسان أن يتدارك نفسه ويعرضها على كتاب الله وأخلاق المعصومين عليهم السلام في كل مناسبة فيعرف نفسه، فيكون ذلك بمثابة جهاز الكشف، فاذا ما وجد الخلل يحاول إيجاد الحل المناسب ليعود الى مساره الصحيح باتجاه ربّ العزّة، فيعود الى زراعة القلب بما يحييه فيكون موضعاً لاستقبال الأنوار الالهية ((إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ))الأعراف 201..

ولنستيقظ من غفلتنا ونتذكر نهايتنا، فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام ((فأفق أيها السامع من غفلتك واختصر من عجلتك واشدد أزرك وخذ حذرك واذكر قبرك فإن عليه ممرك))...