ظَاهِرُ القُرْآنِ وباطِنُهُ في كَلامِ عَلِيٍّ عليه السلام



المشهور بين المسلمين أن للقرآن الكريم ظهراً وبطناً، كما وجدنا هذا المعنى في كلام أمير المؤمنين عليه السلام حيث يقول: «.. وإن القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق لا تفنى عجائبه ولا تنقضي غرائبه ولا تكشف الظلمات إلا به»(57).

فتعلقت طائفة بهذا الكلام وصرفوا معنى القرآن عن وجهه فوضعوه في غير موضعه، وأتوا في تأويل باطن الكتاب بما لم يرو عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمثاله، ولا عن الصحابة والتابعين أشباهه! والصواب أن المراد من ظاهر القرآن هو فصيح لغته وعجيب نظمه، وغريب أسلوبه، والمقصود من باطن القرآن عمق معناه ولطف مفهومه كما رووا عن علي عليه السلام أنه قال:

«ما من آية إلا ولها أربعة معان: ظاهر وباطن وحد ومطلع، فالظاهر التلاوة والباطن الفهم، والحد هو أحكام الحلال والحرام، والمطلع هو مراد الله من العبد بها»(588).

فباطن القرآن كما صرح به في هذه الرواية هو عمق مفاهيمه، وذلك يدرك بالتدبر والتأمل. وأما ما حكي في الروايات الشاذة عن باطن القرآن مما لا يدل عليه الكتاب بوجه من الوجوه، فليس من باطن كتاب الله عز وجل، فكيف يعد من معاني القرآن ما لا يدل القرآن عليه بدلالة لفظية ولا معنوية؟! والأقرب أن تلك الروايات الشاذة من وضع الباطنية والفرق الضالة، وضعوها للتغرير بالناس ودعوتهم إلى مذاهبهم المبتدعة.

 


(57) نهج البلاغة، خطبة (105).

(58) الصافي في تفسير القرآن الكريم، للفيض الكاشاني، (1/18) أو (ص:31)، ومفاتيح الأسرار ومصابيح الأبرار لمحمد بن عبد الكريم الشهرستاني، (1/27).