الرحمة المهداة



قال تعالى ((وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۖ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ...) الانعام 54 

قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : (أدبني ربي فأحسن تأديبي ) وأي أدب كأدب خالق السماوات والأرض وأي نفس ينمو ويثمر فيها الأدب الالهي كنفس محمد (صلى الله عليه واله) لقد أدب الله سبحانه هذه النفس الطيبة الزكية ليؤهلها لحمل رسالة الرحمة للعالمين التي بها وبصاحبها تمت مكارم الاخلاق .

 ولقد أدب الله تعالى النبي(صلى الله عليه واله)  في العديد من الآيات ومنها هذه الآية وهي تُعلُّم رسول الله (صلى الله عليه واله) وخير خلق الله كيف يسلك ويعامل الضعفاء والمساكين فكان يلقاهم بالبشاشة والترحيب ويقول لهم سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة ويحبس نفسه معهم ما دامو في مجلسه حتى يكونوا هم الذين ينصرفون . 

وإذا كان النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه واله) هو المقصود من قبل الله تعالى بهذا التأديب فنحن مقصودون بالتأسي والاقتداء به فلا نكرم أحداً لمال أو جاه أو جنس أو لون وانما نكرم ونحترم للدين والخلق الكريم . 

لقد كانت الحياة البشرية قبل النبي محمد (صلى الله عليه واله) في الحضيض فرفعها النبي الى القمة فعلينا ان نعمل على ابقائها في القمة على الاقل اذا لم نعمل على رفعها اكثر . حيث تتصدر الاخلاق الرذيلة في العالم المتحضر وتظهر عصبيات الجنس واللون . 

أما في رحاب أخلاق الاسلام فلا جنس ولا لون ولا جاه ولا ثراء وليس هنالك فضل بين افراد البشر إلا الاسلام والتقوى وفي هذا المبدأ الاسلامي والإيماني يكمن سر تواضع كبار علماء الاسلام وعلى رأسهم مراجعنا العظام عبر التاريخ حيث يصل اليهم الكبير والصغير على السواء دون باب ولا حجاب ويخاطبهم على سجيته بما شاء دون تكلف كما كان رسول    الله(صلى الله عليه واله)  

حيث يجلسون على الارض مبتعدين عن كل مظاهر الترف والبذخ والرفاهية وكذلك مبتعدين عن وسائل الاعلام المرئية والمسموعة لكي يكونوا بعدين عن الرياء وحب الظهور ولكي يكونوا مصداقا لقوله تعالى (( وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا)) وهذا التواضع 

يُقرّبهم من الفقراء والمستضعفين والمظلومين كما كان رسول الله ( صلى الله عليه واله) يجالس أهل الصفّة  وغيرهم من فقراء المؤمنين في صدر الرسالة الاسلامية ويتفقد أحوالهم وكأنه واحداً منهم فهذا هو نبينا صاحب الذكرى وحريّ بنا أن نفتخر به   .