أداء الأمانة في الطف


( بدري عباس الأعرجي)


قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا) النساء/58
وقال تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) الأنفال/27.
الأمانة عصب الحياة وقوامها وقد أشار إلى ذلك الإمام علي(ع)في قوله (الأمانة قوام الأمة والخيانة ضياعها). وقد تكون الأمانة مادية كالمال وغيره، وقد تكون معنوية مثل حفظ السر أو النصيحة أو أي عمل آخر. كما إنه ليس من الضروري أن يكون صاحب الأمانة شخص أو جهة وإنما قد يكون صاحبها معنوي كالدين والوطن والمجتمع والإنسانية وأعظم الأمانة هي أمانة الدين؛ لأنها تتعلق بالله والرسول مباشرةً وتتجسد لتطبيق جميع أوامر الله ورسوله وطاعته والإبتعاد عن نواهيه. وفي نفس الوقت أعظم الخيانة هي خيانة الدين ومن استهان بالأمانة فقد عرض نفسه في الدنيا إلى الخزي والعار، وفي الآخرة أذل وأخزى ومن هذا المنطلق فقد وطن أصحاب الحسين(ع) أنفسهم لأداء الأمانة أمام الله والرسول وإمامهم، وضحوا بأنفسهم من أجل هذا الهدف عندما اختاروا الآجلة الباقية على العاجلة الفانية. وخيروا أنفسهم بين الأمانة والخيانة فاختاروا الأمانة لطاعة الله والرسول وأهل بيته والتي تمثلت بالطف في شخص الإمام الحسين(ع)، صاحب النهضة العظيمة. فالعباس(ع)وإخوته وكل الأصحاب رضوان الله عليهم خيروا بين الأمانة والخيانة وقُدمت لهم عروض الأمان والمناصب ورضا الحكام الفاسقين عنهم ولكنهم أبوا إلاّ أن يؤدوا الأمانة للدين كاملة غير منقوصة كما أمرهم، وذلك بأن قدموا أنفسهم الزكية قرابين لهذا الهدف السامي، ولم يلتفتوا لمن كان يريد أن يحرفهم عن هذا الهدف من الأقرباء والأصدقاء والمقربين الذين كانوا في صف أعداء الحسين(ع) يوم الطف؛ لذلك جعلوا من أنفسهم مصداقاً حقيقياً لتطبيق أوامر الله ورسوله في أدائهم الأعظم صوب الأمانة وهي حفظ الدين والثبات عليه وحفظ عهدهم الذي عاهدوا الله عليه ومضوا إلى آخر لحظات حياتهم في هذا الطريق. وجسدوا طاعة الله والرسول وأهل بيته ولم يخونوا أماناتهم لأن الدين كان يأمرهم بالتضحية في سبيل إقامة شريعة الله الحقة وكذلك يأمرهم بعدم الخيانة، ولو أدى ذلك لذهاب النفس والنفيس وتركوا عروض الظلمة والفاسدين المقدمة إليهم فقالوا بهذا سعادة الدارين كما وعدهم الله. وفي يومنا هذا تهتف الملايين بذكراهم العطرة في كل المعمورة هذا ما نالوه في الدنيا أما في الآخرة فهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر، و روح وريحان، وجنة نعيم؛ لأنهم قدموا الأمانة على الخيانة مختارين غير مجبرين.