أعلام الشيعة وصيانة القرآن من التحريف - الشيخ الطبرسي


السيد فاضل الموسوي الجابري


بسم الله الرحمن الرحيم 
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)

قال الشيخ أبو علي الطبرسي في مجمع البيان : فأما الزيادة فيه فمجمع على بطلانه ، وأما النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية العامة أن في القرآن تغييراً ونقصاناً ، والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه ، وهو الذي نصره المرتضى ( قدس اللّه روحه ) واستوفى الكلام فيه غاية الإستيفاء في جواب المسائل الطرابلسيات ، وذكر في مواضع أن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام والكتب المشهورة وأشعار العرب المسطورة ، فإن العناية اشتدت والدواعي توفرت على نقله وحراسته وبلغت إلى حد لم يبلغه فيما ذكرناه لأن القرآن معجزة النبوة ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مُغيراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد .
وقال أيضا ( قدس اللّه روحه ) : وأن العلم بتفصيل القرآن وأبعاضه في صحة نقله كالعلم بجملته ، وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة من الكتب المصنفة ككتاب سيبويه والمزني ، فإن أهل العناية بهذا اللسان يعلمون من تفصيلهما ما يعلمون من جملتهما ، حتى لو أن مدخلاً أدخل في كتاب سيبويه باباً في النحو ليس من الكتاب لعرف وميز وعلم أنه ملحق وليس من أصل الكتاب، وكذلك القول في كتاب المزني ، ومعلوم أن العناية بنقل القرآن وضبطه أضبط من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء .
وذكر أيضا ( رضي اللّه عنه ) : أن القرآن كان على عهد رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله) مجموعاً مؤلفاً على ما هو الآن ، واستدل على ذلك بأن القرآن كان يدرس ويحفظ جميعه في ذلك الزمان حتى عين على جماعة من الصحابة في حفظهم  له ، وأنه كان يعرض على النبي ( صلى الله عليه وآله) ويتلى عليه ، وأن جماعة من الصحابة مثل عبد اللّه بن مسعود وأبي بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النّبي ( صلى الله عليه وآله)) عدة ختمات ، وكل ذلك يدل بأدنى تأمل على أنه كان مجموعاً مرتباً غير مبتور ولا مبثوث.  مجمع البيان 1 : 15.
بيان :
يؤكد الشيخ الطبرسي من خلال كلامه على جملة من الأمور :
1- على نفس الموقف الذي ذكره الشيخ الطوسي كما - ذكرناه سابقاً - من صيانة القرآن من التحريف بالزيادة والنقصان والتبديل .
2- إن الزيادة في القرآن مجمع على عدمها بين كل المسلمين .
3- أما النقيصة فقد قال بعض من الشيعة وبعض من السنة وهم الحشوية بكون القرآن فيه نقيصة وتبديل .
ملاحظة : الحشوية : هم طائفة من المحدثين بالغوا في إجراء الآيات والأحاديث التي يفهم منها التشبيه على ظاهرها، فوقعوا في التجسيم حتى أثبتوا لله - تعالى - جسماً ، وأبعاضاً . وقالوا إن طريق معرفة الله - تعالى - هو السمع لا العقل* .
4- الصحيح من مذهب مدرسة أهل البيت عليهم السلام خلاف ذلك أي سلامة القرآن من الزيادة والنقصان والتبديل .
5- الدليل على عدم الزيادة والنقصان والتبديل في القرآن ما يلي :
أ‌- التواتر : فأن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام والكتب المشهورة وأشعار العرب المسطورة .
ب‌- وجود المقتضي لحفظ القرآن من التحريف فإن العناية اشتدت والدواعي توفرت على نقله وحراسته وبلغت إلى حد لم يبلغه فيما ذكرناه. لأن القرآن معجزة النبوة ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد .
ت‌- وأن العلم بتفصيل القرآن وأبعاضه في صحة نقله كالعلم بجملته ، وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة من الكتب المصنفة ككتاب سيبويه والمزني ، فإن أهل العناية بهذا اللسان يعلمون من تفصيلهما ما يعلمون من جملتهما ، حتى لو أن مدخلاً أدخل في كتاب سيبويه باباً في النحو ليس من الكتاب لعرف وميز وعلم أنه ملحق وليس من أصل الكتاب ، وكذلك القول في كتاب المزني ، ومعلوم أن العناية بنقل القرآن وضبطه أضبط من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء .
6- أن القرآن كان على عهد رسول اللّه ( ص ) مجموعاً مؤلفاً على ما هو الآن . والدليل على ذلك :
أ‌- القرآن كان يدرس ويحفظ جميعه في ذلك الزمان حتى عين على جماعة من الصحابة في حفظهم  له .
ب‌- وأنه كان يعرض على النبي ( صلى الله عليه وآله) ويتلى عليه .
ت‌- وأن جماعة من الصحابة مثل عبد اللّه بن مسعود وأبي بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النّبي ( ص ) عدة ختمات.
7- وكل ما مضى ذكره  يدل بأدنى تأمل على أن القرآن الكريم  كان مجموعاً مرتباً غير مبتور ولا مبثوث في زمان النبي (ص) وقد وصل إلينا بالتواتر بلا زيادة أو نقصان أو تبديل .
__________
* ( مناهج الأدلة ص 31 ، 32 الملل والنحل 1 / 103 - 113 ) وراجع ايضا : أبكار الأفكار في أصول الدين، ج ١، سيف الدين الآمدي، ص ١٣١.