أعلام الشيعة وصيانة القرآن من التحريف - السيد المرتضى علم الهدى



السيد فاضل الموسوي الجابري



بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)
يقول الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي ، الملقّب بعلم الهدى ـ المتوفّى سنة 436 ـ : «إنّ العلم بصحّة نقل القرآن كالعلم بالبلدان ، والحوادث الكبار ، والوقائع العظام ، والكتب المشهورة ، وأشعار العرب المسطورة ، فإنّ العناية اشتدّت والدواعي توفّرت على نقله وحراسته ، وبلغت إلى حدّ لم يبلغه في ما ذكرناه ، لأنّ القرآن معجزة النبوّة ، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينيّة ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية ، حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيّرا أو منقوصا مع العناية الصادقة والضبط الشديد؟!».
وقال : «إنّ العلم بتفصيل القرآن وأبعاضه في صحّة نقله كالعلم بجملته ، وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة من الكتب المصنّفة ككتابي سيبويه والمزني ، فإنّ أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلها ما يعلمونه من جملتها ، حتى لو أنّ مدخلا أدخل في كتاب سيبويه بابا في النحو ليس من الكتاب لعرف وميّز ، وعلم أنّه ملحق وليس في أصل الكتاب ، وكذلك القول في كتاب المزني ، ومعلوم أنّ العناية بنقل القرآن وضبطه أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء».
وقال : «إنّ القرآن كان على عهد رسول الله صلى ‌الله ‌عليه ‌و آله‌ مجموعا مؤلّفا على ما هو عليه الآن ...».
«واستدلّ على ذلك بأنّ القرآن كان يدرّس ويحفظ جميعه في ذلك الزمان ، حتى عيّن على جماعة من الصحابة في حفظهم له ، وأنّه كان يعرض على النبي صلى ‌الله ‌عليه ‌و آله‌ ويتلى عليه ، وأنّ جماعة من الصحابة مثل عبد الله بن مسعود وابيّ بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي صلى ‌الله ‌عليه ‌و آله‌ عدّة ختمات.
كل ذلك يدلّ بأدنى تأمّل على أنّه كان مجموعا مرتّبا غير مبتور ولا مبثوث».
«وذكر أنّ من خالف في ذلك من الإمامية  و الحشوية لا يعتدّ بخلافهم ، فإنّ الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث ، نقلوا أخبارا ضعيفة ظنّوا بصحّتها ، لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحّته» .
(نقل هذا في مجمع البيان 1 : 15 ، عن المسائل الطرابلسيات للسيد المرتضى.).
بيان : وأنت ترى – عزيزي القارئ – بأن هذا الكلام من السيد المرتضى الذي يعد أحد أهم أركان الطائفة الإمامية بكون القرآن مصان من الزيادة والنقصان ومحفوظ بحفظ الله تعالى مما يقطع الألسن ويزيل الارتياب وفيه تنبيه من غفلة الغافلين وظن الجاهلين وطعن الحاقدين في صيانة كتاب رب العالمين من التحريف والزيادة والنقصان , وأنه مجموع في زمان (النبي صلى ‌الله ‌عليه ‌و آله)‌ . فلا ينبغي والحال هذا اتهام شيعة أهل البيت بأنهم يقولون بتحريف القرآن الكريم , وسوف يأتيك المزيد من شهادة أعلام الطائفة فانتظر وترقب .