أعلام الشيعة وصيانة القرآن من التحريف - الفاضل التوني *



السيد فاضل الموسوي الجابري



بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)

يقول العلّامة التوني ـ المتوفّى سنة 1071 ـ صاحب كتاب (الوافية في الأصول) : «والمشهور أنّه محفوظ ومضبوط كما أُنزل، لم يتبدّل ولم يتغيّر، حفظه الحكيم الخبير ، قال الله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)» (الوافية في الأصول : 148).
بيان :
1- ذكر الفاضل التوني رحمه الله أن المشهور أن القرآن الكريم محفوظ ومضبوط كما أنزل لم يتبدل ولم يتغير .
2- يلزم من كلامه أن في قبال ما هو المشهور هناك آراء أخرى تقول أما بالزيادة أو النقصان أو التبديل أو عدم الضبط على الإنفراد مع اجتماع اثنين أو أكثر .
3- استدل على كونه محفوظاً مضبوطاً بقوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) .إلا أنه لم يبين وجه الاستدلال بالآية الشريفة .
4- نجده أضاف إلى موضوع الحفظ الضبط وهو إشارة إلى الأعم من النقصان والزيادة والتبديل وإنما يشمل حتى القراءة بحروفها وحركاتها وهذا هو معنى الضبط وإلا فإن قوله لم يتبدل ولم يتغير يغني عن كلمة الضبط كما هو معلوم .
5- يمكن الملاحظة على كلامه رحمه الله بما يلي :
أ‌- كون المصحف الذي بين أيدينا ترتيباً وضبطاً هو كما أنزله الله تعالى على قلب النبي (صلى الله عليه وآله) دعوى بلا دليل , ضرورة أنه من المعلوم أن الذي قام بترتيب المصحف الحالي إنما هم الصحابة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله), وهذا هو المشهور المعروف بل كاد أن يكون متواتراً .
ب‌- إن حفظ القرآن الكريم من قبل الله تعالى لا يلازم كون المصحف الحالي جمعاً وترتيباً وضبطاً هو نفسه الذي كان في زمان النبي(صلى الله عليه وآله) لأن القدر المتيقن من الحفظ هو عدم الزيادة والنقصان والتبديل فيه , وأما ما عدا ذلك فيحتاج إلى دليل .
ت‌- لم يذكر الفاضل رحمه الله دليل الرأي الآخر ويبين وجه الخلل فيه.
ث‌- لم يتعرض إلى النصوص الروائية الكثيرة من الفريقين بوجود نقصان أو تبديل في القرآن الكريم .



* هو الشيخ عبد الله بن محمّد البشروي الخراساني المعروف بالفاضل التوني، والتوني: نسبة إلى تُون؛ وهي بلدة من بلاد قهستان بخراسان، وتُعرف اليوم بفردوس. كان(قدس سره) قد عاش في مدينة أصفهان مدّة، ثمّ سافر إلى مدينة مشهد وتوطّن فيها مدّة، ثمّ أراد التوجّه إلى العراق لزيارة الأئمّة (عليهم السلام) بها من طريق قزوين، فأقام مدّة في مدينة قزوين، وتوجّه بعدها للزيارة، فأدركه الموت في الطريق وذلك في مدينة كرمانشاه، فدُفن فيها. الوافية في أُصول الفقه، شرح الإرشاد، حاشية على معالم الأُصول، فهرست لتهذيب الأحكام، تعليقات على المدارك، رسالة في الجمعة.