قال تعالى (وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْديكُم‏) الشورى 30 

لاشك إن الإنسان يرى حال الدنيا منذ أن قامت الخليقة إلى ما شاء الله يراها محفوفة بالمصائب والنوائب وبما يكدر حال الإنسان . 

والسؤال المطروح بقوة هو إن الله تعالى هو الغفور الرحيم الودود الرؤوف بعباده فهل تتناسب هذه الصفات مع ما نراه من المصائب والنوائب في الدنيا ؟ 

الجواب : إن المصائب والنوائب والكوارث جزء من عالم الوجود وفيها حكمة دقيقة إذا تدبرها الإنسان وأحسن التصرف تجاهها فستكون حالة ايجابية وتربوية في حياته لأنها توقظه من الغفلة والتسويف .

و هي تنقسم بصورة عامة الى قسمين القسم الاول يأتي بسبب عاقبة أعمال الإنسان السيئة كالأمراض والفيضانات والزلازل وغيرها مما يرعب الإنسان لعله يرجع الى رشده ويقلع عن المعاصي والذنوب وهذه تقع لأهل المعاصي ولمن خلط عمل صالح وآخر سيء.

أما القسم الثاني من المصائب فهي لا تكون بسبب أعمال الانسان وإنما تقع لجميع الناس حتى الأنبياء والأولياء والأئمة والصالحين من الناس وهذه لا يمكن دفعها ولابد ان تقع، وعلى  المبتلى بها ان يصبر ويشكر الله دائماً لأن العاقبة تكون رفع درجته وكرامته في الدنيا والآخرة،  وهذا ما حصل للأنبياء والائمة (عليهم السلام) والصالحين من الناس لأن هذه المصائب مقدره في عالم التكوين قبل ان يخلق الله تعالى الخلق ولا علاقة لها بعمل الإنسان سلباً أو إيجاباً.  وإنما هي جزء من عالم الوجود وفيها كرامة ومنزلة عظيمة لمن يصاب بها وليس لها ربط بسوء عمل الانسان كما اسلفنا وهذا ما تحدث عنه القران في قوله تتعالى:( ما أَصابَ مِنْ مُصيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا في‏ أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ في‏ كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسير) الحديد: 22 

والقرآن الكريم  وروايات  أهل البيت ( أماطت اللثام عن القسمين المذكورين معا والمتعلقين بالمصائب والنوائب في هذه الدنيا فقال تعالى: (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُور) الحديد 23  وعن أئمة أهل البيت ( عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ) قَالَ: إِنَّ الْبَلَاءَ لِلظَّالِمِ‏ أَدَبٌ‏ وَ لِلْمُؤْمِنِ امْتِحَانٌ وَ لِلْأَنْبِيَاءِ دَرَجَةٌ وَ لِلْأَوْلِيَاءِ كَرَامَةٌ.

وهذا يعني ان الغرض من المصائب والنوائب التي يراها الناس في الدنيا ان يزهدوا في الدنيا ولا يتعلقون بها وينسون الآخرة وبذلك يتناسون الهدف الذي أوجدهم الله تعالى من أجله وهذا من أفضل أساليب التربية في القرآن .