قال تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ) البقرة: 124.
إبراهيم (عليه السلام) أبو الأنبياء وتعترف بنبوته الديانات السماوية الثلاثة؛ الإسلامية واليهودية والمسيحية، وقد بين القرآن بأن الله امتحنه بتكاليف ثقيلة فوجده أميناَ وفياً لكونه امتثل وأطاع ربه. وقد وصف وفائه في قوله تعالى: (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى) النجم: 37. وعبر القرآن عن تلك التكاليف بالكلمات وهي أخذه ولده للذبح واستعداده لذبحه طاعة لله تعالى، واسكان ولده وزوجته بوادٍ غيرِ ذي زرع، حيث لم يسكن فيه إنسان وتحطيم الأصنام والوقوف بوجه عبدتها وكذلك إلقائه في وسط النار والهجرة إلى البلدان البعيدة لنشر رسالة الله تعالى وكل واحد من هذه الاختبارات كان ثقيلا وصعبا حقا، لكنه بقوة إيمانه نجح فيها جميعا وأثبت لياقته لمقام الإمامة.
وكذلك سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام اختبره الله تعالى بذبح أبنائه وإخوته وأصحابه وسبي نسائه ونهب أمواله وحرق خيامه وإيتام أطفاله هو ومن معه فأتم الامتحان على أحسن وجه وقدم كل ما يملك مع نفسه الزكية قربانا لطاعة الله تعالى وابتغاء مرضاته وهذا واضح في أقواله وخطبه عندما يقول: (شاء الله ان يراني قتيلا) وقوله: (اللهم إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى).
بعد كل هذه الاختبارات التي حصلت لسيد الشهداء عليه السلام والتي وفّى بها كما وفّى إبراهيم عليه السلام فصارا معا جديرين بمدح القرآن لهما.
حيث إبراهيم أصبح إماماً بعد ما كان نبيا والحسين أصبح كعبة الأحرار في كل العالم تستمد منه الأجيال دروسا في الحرية والكرامة وطاعة الله تعالى، وقد عوضه الله تعالى بأن أسكن حبه قلوب الملايين الذين يأتون زاحفين مشيا على الأقدام قاطعين آلاف الكيلو مترات ليلاً ونهاراً حَراً وبرداً نحو محبوبهم الوفي في كل عام فجزاهم الله بالحسنى في الدنيا والآخرة وان يجعل عواقبهم الى خير وتحتضنهم القلوب قبل الدور في كل زمان ومكان.