السيد بدري الأعرجي
قال تعالى:
(وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ) الأنعام/34. وقال تعالى: ( وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ) لقمان/17.
إن من سنن الله في الخلق هي نزول الإمداد الإلهي بساحة المصلحين بحيث تكون لهم الغلبة في النهاية، أما بالنصر المباشر أو بظهور حجتهم وحسن عاقبتهم، وهذا منهج جميع الأنبياء والمصلحين على مر التاريخ البشري حيث إن قادة المجتمع المصلحين يسعون دائما لهداية الناس إلى الحق ويحذروهم من الباطل والإنحراف، حتى لو كانت إمكانيات أولئك المصلحين المادية ضعيفة فهم يقومون بالإرشاد إلى طريق الحق عن طريق جعل أنفسهم إنموذجا يقتدى به في تطبيق المبادئ السماوية السامية التي جاء بها الانبياء على مر العصور؛ لأن تلك القيم البناءة صاعدة من الكمال المطلق ومن خالق الكون والناس فلا بدّ أن تكون قيم سامية وعظيمة وتهدف إلى إصلاح البشر وهدايته إلى طريق الحق والصلاح، وهذا هو منهج كل المصلحين حيث يحولون تلك المبادئ إلى المجتمع وفي نفس الوقت يعملون على مكافحة الأفكار المنحرفة والأنظمة الظالمة التي يضعها الفاسدون الظلمة لغرض السيطرة على المجتمعات وخصوصاً الأنظمة المؤطرة بالدين المزيف والإدعاءات الكاذبة. ومن البديهي إن هؤلاء المصلحين سيواجهون معارضة شديدة من جانب أولئك الحكام الظلمة والفاسدين وأتباعهم لأنهم يرون إن إنتشار المبادئ السامية والبناءة يشكل خطراً على مصالحهم وعلى وجودهم أيضاً، وبالتالي فهم لا يتركون أي وسيلة إلا وإستخدموها لترويج لمفاهيمهم الخاطئة والكاذبة وكذلك يستخدمون التكذيب والإتهام والتسقيط لكل دعوة إصلاحية ولكل مصلح كما إنهم يستخدمون القتل والتعذيب والإقصاء للتخلص من خصومهم المصلحين، ولكن الحق بما له من جاذبية في نفوس الناس الطيبين لكونه سنة إلهية فهي تعمل عملها في النفوس وتزيل الأشواك من طريق الإصلاح ولكن كل هذا يحتاج إلى تضحية وصبر وثبات وهذا ما واجهه الحسين(ع)في نهضته المباركة الإصلاحية عندما واجه الظلم والطغيان والإنحراف لكل معانيه والذي كانت تمارسه الطغمة الأموية الفاسدة حيث واجهه بصبره وثباته وتضحيته من أجل تصحيح مسار الدين والشريعة الخاتمة وكافح الإنحراف والظلم الذي ساد الإمة في زمانه لكي يُعبد الطريق ويُنيرَهُ لكل الأحرار في العالم حتى يسلكوه في مواجهتهم للظلمة والفاسدين رغم ضعف إمكانيته وقلة ناصريه ولكن بالإعتماد على الله عز وجل وعلى الطيبين الأخيار من أهل بيته وأصحابه ليكون مصداقا أكبر لنصرة دين الله ودين رسوله وأهل بيته وقد تحقق له ذلك بالحجة وحسن العاقبة فهذه الملايين تهتف اليوم في كل أرجاء المعمورة ليلاً ونهاراً بنشيد الأحرار (يا حسين).
( وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ) الحج/40.