الحجاب هو حكم شرعي فرضته الشريعة الإسلامية على المرأة ، وأوجبت عليها اتباعه والالتزام به ، على الوجه الأكمل ، حسب النصوص الشرعية وهي ( القرآن الكريم ) و (الأحاديث النبوية الشريفة).
لقد فرض الإسلام الحجاب على المرأة ، ليقيها الفتنة والإغراء ، وتصون نفسها وشرفها وكرامتها.
و الحجاب في اللغة : هو الستر . وفي كتاب تاج العروس للزبيدي : باب حجب ... حجبه ... يحجبه ( حجبا وحجابا ) ستره ، وأمرأة محجوبة ، ومحجبة ( للمبالغة ) قد سترت بستر ..
وذكر الزبيدي في حديث الصلاة : حتى توارت بالحجاب والمراد بالحجاب ، هنا الافق ... أي حين غابت الشمس وراء الافق .
وهنا نحن بصدد بيان وجوب الحجاب في الاسلام:-
اولا: القران الكريم :
قال تعالى(وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وهذه الاية بصدد بيان عدة احكام نبين منها اهم حكم وهو الحجاب الذي عبر عنه الله تعالى{ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } والخُمُر: جمع خِمار، وهو ما يُخَمر به، أي: يغطى به الرأس، وهي التي تسميها الناس المقانع.
قال سعيد بن جبير{ وَلْيَضْرِبْن }وليشددن { بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } يعني: على النحر والصدر، فلا يرى منه شيء.تفسير ابن كثير.
و" يضربن " في موضع جزم بالامر، وسبب هذه الاية أن النساء كن في ذلك الزمان إذا غطين رؤوسهن بالاخمرة وهى المقانع سدلنها من وراء الظهر. قال النقاش: كما يصنع النبط، فيبقى النحر والعنق والاذنان لا ستر على ذلك، فأمر الله تعالى بالخمار على الجيوب، وهيئة ذلك أن تضرب المرأة بخمارها على جيبها لتستر صدرها واستثنى من ذلك الوجه والكفين بقوله(الا ما ظهر منها).
وخلاصة معنى الآية الكريمة أن الله سبحانه وتعالى أمر المرأة المسلمة بلبس الحجاب وستر نفسها عن نظر الرجال الأجانب ، وإن كانوا من عشيرتها أو أقاربها إلا ما نص عليه التنزيل ، ما هو إلا صيانة لعفتها وشرفها .
فالله سبحانه وتعالى ، أمر المرأة بأوامر ترجع لمصلحتها الدنيوية فضلاً عن الأخروية ، لتعيش في سعادة وهناء .
ثانيا: قوله تعالى{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }[الأحزاب:59).
امر الله تعالى نبيه الكريم ان يأمر زوجاته وبناته ونساء المؤمنين بالامر الذي عبر عنه{ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ... } [الأحزاب: 59] فالفعل { يُدْنِينَ... } [الأحزاب: 59] مجزوم في جواب الطلب (قُلْ) مثل: اسكُتْ تسْلَم، ذاكر تنجح، وفي الآية شرط مُقدَّر: إنْ تَقُلْ لهُنَّ ادنين يُدنين. لأن الخطاب هنا للمؤمنات، وعلى رَأْسِهن أزواج النبي وبناته، وإنْ لم يستجب هؤلاء للأمر، فقد اختلَّ فيهِنَّ شرط الإيمان.
ومعنى: الإدناء: تقريب شيء من شيء، ومن ذلك قوله تعالى في وصف ثمار الجنة {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ }
[الحاقة: 23]
وكلمة { جَلاَبِيبِهِنَّ... } مفردها جلباب، وقد اختلفوا في تعريفه فقالوا: هو الثوب الذي يُلْبس فوق الثوب الداخلي، والجلباب يجب أن يكون سابغاً طويلاً قريباً من الأرض.
وقالوا: الجلباب هو الخمار الذي يغطي الرأس، ويُضرب على الجيوب - أي فتحة الرقبة - لكن هذا غير كافٍ، فلا بُدَّ أنْ يُسدل إلى الأرض ليستر المرأة كلها غير الوجه والكفين.
ثالثا قوله تعالى { وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } سورة النور ـ 60
وجه الدلالة من هذه الآية الكريمة أن الله تعالى نفى الجناح وهو الإثم عن القواعد وهن العواجز اللاتي لا يرجون نكاحاً لعدم رغبة الرجال بهن لكبر سنهن. نفى الله الجناح عن هذه العجائز في وضع ثيابهن بشرط أن لا يكون الغرض من ذلك التبرج بالزينة. ومن المعلوم بالبداهة أنه ليس المراد بوضع الثياب أن يبقين عاريات، وإنما المراد وضع الثياب التي تكون فوق الدرع ونحوه مما لا يستر ما يظهر غالباً كالوجه والكفين والعنق مثلا فالثياب المذكورة المرخص لهذه العجائز في وضعها هي الثياب السابقة التي تستر جميع البدن، وتخصيص الحكم بهؤلاء العجائز دليل على أن الشابات اللاتي يرجون النكاح يخالفنهن في الحكم ولو كان الحكم شاملاً للجميع في جواز وضع الثياب ولبس درع ونحوه لم يكن لتخصيص القواعد فائدة. ومن قوله تعالى (غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ) دليل آخر على وجوب الحجاب على الشابة التي ترجو النكاح. ومع ذلك قال تعالى(وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) دلالة على الالتزام الكامل افضل.
السنة النبوية الشريفة:
اولا: (عن جابر بن عبد الله الانصاري ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وآله يريد فاطمة ، وأنا معه . فلما انتهينا إلى الباب وضع يده عليه ، فدفعه ، ثم قال : السلام عليكم ، فقالت فاطمة عليها السلام : وعليك السلام يا رسول الله ، قال : أأدخل ؟ قالت ليس عليَّ قناع ... فقال : يا فاطمة خذي فضل ملحفتك ، فقنعي به رأسك ... ففعلت . )وسائل الشيعة ـ للحر العاملي ـ ج ـ 7 ص ـ 158 .
ثانيا: (عن الفضيل قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الذراعين من المرأة . هل هما من الزينة التي قال الله تعالى : « ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتن » قال : نعم ، وما دون الخمار من الزينة ، وما دون السوارين) وسائل الشيعة ـ للحر العاملي ـ ج ـ 7 ـ ص ـ 145 .
ثالثا: (عن مسعدة بن زياد قال : سمعت جعفراً عليه السلام سئل عما تظهره المرأة من زينتها ، قال عليه السلام : الوجه والكفين)وسائل الشيعة صفحة 146 ـ
رابعا: (رواية عن أبي جعفر قال « استقبل رجل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة ، وكان النساء يتقنعن خلف آذانهن ، فنظر إليها وهي مقبلة ، فلما جازت نظر إليها ودخل في زقاق قد سمّاه ببني فلان فجعل ينظر خلفها ، واعترض وجهه عظم في الحائط ... او زجاجة ، فشق وجهه .
فلما مضت المرأة ، نظر فإذا الدماء تسيل على ثوبه وصدره فقال :
والله لآتين رسول الله صلى عليه وآ له وسلم ، ولأخبرنه ... فأتاه ...
فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : ما هذا ؟! فأخبره ...
فهبط جبريل عليه السلام بهذه الآية :{ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } وسائل الشيعة للحر العاملي ـ ج ـ 7 ـ ص ـ 138 .
ومما سبق لا يبقى مجال للشك بوجوب الحجاب على المرأة المسلمة حفاظا عليها وعلى المجتمع الاسلامي من التفسخ.