قال تعالى في كتابه العزيز ((وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ))يوسف: 42..
من الذي أنساه الشيطان؟ هل الناسي هو يوسف عليه السلام أم الساقي؟
ذهب الكثير من المفسرين على انّ الناسي هو يوسف (عليه السلام) لذلك بقي في السجن بضع سنين..
ولكن لو دقّقنا النظر لوجدنا انّ الناسي هو الناجي وليس يوسف (عليه السلام)، بدليل انّ الكلام كان بداية الآية الشريفة ليوسف (عليه السلام) بقوله لصاحبه الناجي (اذكرني) وحسب المفهوم يعني (لا تنساني) ولكنه مع ذلك نساه، وما يساعد على هذا الرأي هو انّ هذا الصاحب قد ذكره بعد مدة على ما يأتي في الآيات اللاحقة بقوله تعالى ((وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ))يوسف: 45..
وفوق كلّ ذلك فانّ الشيطان ليس له سبيل في الوصول الى النبي يوسف(عليه السلام) بدليل انّه كان من المخلصين بقوله تعالى في نفس السورة ((إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ))يوسف: 24، والمخلص لا سبيل للشيطان اليه أبداً..
أما مسألة لبثه في السجن فهو عقوبة له لأنه ترك الأولى (على انّ ترك الأولى لا ينافي الاخلاص بترك التوسل بالأسباب) بطلبه من ذلك الساقي أن يذكره عند الملك، وهذا ما جاء في تفسير العياشى - (2 / 185)
((عن يعقوب بن شعيب عن أبى عبدالله عليه السلام قال : قال الله ليوسف : ألست الذى حببتك إلى أبيك وفضلتك على الناس بالحسن ؟ أولست الذى سقت اليك السيارة وانقذتك واخرجتك من الجب ؟ أولست الذى صرفت عنك كيد النسوة ؟ فما حملك على أن ترفع رغبتك أو تدعو مخلوقا دونى ؟ فالبث لما قلت في السجن بضع سنين))..