ونتذكر هنا رواية مجيء جابر إلى كربلاء التي تشمل فوائد كثيرة فقد روى الشيخ الجليل عماد الدين أبو القاسم الطبري الآملي وهو من أجلاء فن الحديث في كتابه بشارة المصطفى مسنداً عن عطية بن سعد بن جنادة العوفي (من رواة الإمامية، وقد صرّح أبناء العامة في رجالهم بصدق حديثه) أنه قال: خرجتُ مع جابر بن عبد الله الأنصاري (رحمه الله) زائرين قبر الحسين (عليه السلام) فلما وردنا كربلاء دنا جابر من شاطئ الفرات فاغتسل ثم ائتزر بازار وأرتدى بآخر ثم فتح صُرة فيها سعُد فنثرها على بدنه ثم لم يخطُ خُطوة إلاّ ذكر الله حتى إذا دنى من القبر قال: ألمسنيه-أي خذ بيدي إلى القبر- فألمسته فخّرَّ على القبر مغشيّاً عليه، فرششتُ عليه شيئاً من الماء فأفاق وقال: يا حسين ثلاثاً، ثم قال: حبيب لا يجيب حبيبه. ثم قال: وأنى لك بالجواب، وقد شحطت أوداجك على اثياجك وفرّق بين بدنك ورأسك... الخ. ثم جال ببصره حول القبر وقال: السلام عليكم أيتها الأرواح التي حلّت بفناء الحسين (عليه السلام) واناخت برحله... إلى ان قال: لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه.قال عطية: فقُلتُ لجابر: وكيف ولم نهبط وادياً ولم نعلُ جبلاً ولم نضرب بسيفٍ والقوم قد فرّق بين رؤوسهم وأبدانهم وأيتمت أولادهم وارملت الأزواج؟. فقال لي: يا عطية سمعتُ حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: (مَن أحبَّ عمل قومٍ أشرك في عملهم). والذي بعث محمداً بالحق نبيّاً إن نيّتي ونيّة أصحابي على ما مضى عليه الحسين وأصحابه. قال الراوي: فلما صرنا في بعض الطريق فقال لي: يا عطية هل أوصيك؟ وما أظن أنني بعد هذه السفرة ملاقيك، أحبْ محبَّ آل محمدَ ما أحبهم، وابغض مبغض آل محمد ما أبغضهم، وإن كان صواما قواماً، وارفق بمحب آل محمد فأنه إن تزل لهم قدم بكثرة ذنوبهم تثبت لهم أخرى بمحبتهم، فأن محبهم يعود إلى الجنة ومبغضهم يعود إلى النار.فالسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين. اللهم احشرنا مع الحسين (عليه السلام) وارزقنا شفاعته.