قوله تعالى:
«يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و آمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته و يجعل لكم نورا تمشون به»
إنّ المخاطب بهذه الآيات الكريمة هم أهل الكتاب أي ياأيها الذين إعترفوا بتوحيد الله وصدّقوا بالرسل والأنبياء إتقوا الله وآمنوا برسوله ، وقد قال بعض المفسرين بان المخاطب هم المؤمنون جميعاً ، ويمكن الجمع بين الرأيين .
أصل الكفل هو الحظ ، وقوله كفلين أي أجرين أجر الايمان بالانبياء السابقين وأجر الايمان بالرسول الكريم صلّى الله عليه وآله .
والنور الذي يمشون به هو الهدى الذي يهتدون به ، وقد يكون نور الايمان الذي يمشون به يوم القيامة فيبدد ظلمات الحشر . وقيل بانه نور القرآن الذي يستنار به في الدنيا .
وقد وردت الروايات عن أهل البيت عليهم السلام بان النور الذي يمشون به هو إمام يأتمون به .
أما سبب النزول هو إنّ الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله بعث جعفراً في سبعين راكباً إلى النجاشي يدعوه ، فقدم عليه ودعاه فاستجاب له وآمن به ، فلمّا كان عند إنصرافه قال ناس ممّن آمن به من أهل مملكته وهم أربعون رجلا ائذن لنا فنأتي هذا النبي فنسلم به ، فقدموا مع جعفر ، فلمّا رأوا ما بالمسلمين من الخصاصة ، استأذنوا وقالوا: يانبي الله إنّ لنا أموالا ونحن نرى مابالمسلمين من الخصاصة فإن أذنت لنا إنصرفنا فجئنا بأموالنا فواسينا المسلمين بها ، فأذن لهم فانصرفوا ، فأتوا بأموالهم فواسوا بها المسلمين ، فأنزل الله تعالى فيهم ((الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به مؤمنون)) إلى قوله تعالى (( .. وممّا رزقناهم ينفقون)) فكانت النفقة التي واسوا بها المسلمين . فلمّا سمع أهل الكتاب ممّن يؤمن به قوله ((اُولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا)) فخروا على المسلمين فقالوا يامعشر المسلمين أما من آمن بكتابكم و كتابنا فله أجران ومن آمن منا بكتابنا فله أجر كاُجوركم فما فضلكم علينا ، فنزلت ألاية (( ياأيّها الذين آمنوا اتّقوا الله وآمنوا برسوله)) ، فجعل لهم أجرين وزادهم النور والمغفرة.