النصوص القرآنية في عالمية رسالة سيد الاكوان صلوات الله عليه واله :
نصوص القرآن الدالّة على أنّ رسالته ، رسالة عالمية وأنّ دعوته لا تختص بإقليم خاص ، أو اُمّة معيّنة ، وإنّ مرماه هو إصلاح المجتمع البشري على وجه الاطلاق ، ويمكن الاستدلال على ذلك بوجوه :
الأوّل : انّ كثيراً من الآيات تصرّح بأنّ رسالته عالمية ، وأنّه رسول الله إلى الناس جميعاً ، وأنّ الله أرسله رحمة للعالمين ، وأنّه بشير ونذير للناس كافة ، وأنّه ينذر بقرآنه كل من بلغه كتابه وهتافه ، من غير فرق بين شخص وشخص ، أو عنصر وآخر ، ودونك بعض النصوص من هذا القسم :
١. ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ) ( الأعراف ـ ١٥٨ ).
٢. ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ) ( سبأ ـ ٢٨ ).
٣. ( وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَىٰ بِاللهِ شَهِيدًا ) ( النساء / ٧٩ ).
٤. ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) ( الأنبياء ـ ١٠٧ ).
٥. ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) ( الفرقان ـ ١ ).
٦. ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ... ) ( الأنعام ـ ١٩ ).
ـ أي كل من بلغه القرآن ، ووصلت إليه هدايته في أقطار الأرض ـ.
٧. ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَىٰ وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ ) ( الصف ـ ٩ ).
٨. ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَّكُمْ ... ) ( النساء ـ ١٧٠ ).
٩. ( الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ) ( إبراهيم ـ ١ ).
١٠. ( هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ ) ( آل عمران ـ ١٣٨ ).
وهذه الآيات ونظائرها ممّا لم ننقلها ، صريحة في أنّ هتاف النبي 6 لا يختص باُمّة دون اُمّة ، وأنّه بعث إلى الناس كافة مبشّراً ومنذراً لهم جميعاً.
الثاني : انّ القرآن كثيراً ما يوجّه خطاباته إلى الناس غير مقيّدة بشيء ، وهذا دليل
واضح على أنّ هتافاته وتوجيهاته تعم الناس كافة ، ودونك نماذج من هذا القسم.
١. ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ( البقرة ـ ٢١ ).
٢. ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) ( البقرة ـ ١٦٨ ) إلى غير ذلك ...
فترى أنّه يخاطب الناس ، ويقول : يا أيّها الناس ... تصريحاً منه على أنّ رسالته السماوية إلى الناس كلهم ، لا إلى صنف خاص منهم.
فلو كان الإسلام ديناً اقليمياً ، ورسالته طائفية ، فلماذا تأتي هتافاته بلفظ : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ) ؟!.
فقد تكرر هذا النداء في الكتاب ست عشرة مرة.
الثالث : انّ القرآن ربّما يأخذ العنوان العام موضوعاً لكثير من أحكامه ، من غير تقييد بلون ، أو عنصر ، أو شعب أرض خاصة ، وهذا يكشف عن أنّه بعث إلى إصلاح المجتمع البشري في مشارق الأرض ومغاربها ، وأنّ الرسالة التي اُلقيت على عاتقه لا تحدد بحد ، ودونك نماذج من هذا القسم :
١. ( وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) ( آل عمران ـ ٩٧ ).
فقد أوجب حج البيت على الناس إذا استطاعوا إليه ، عرباً كانوا ، أم غير عرب ،
فلم يقل : لله على الاُمّة العربية ـ مثلاً ـ حج بيته.
٢. ( وَالمَسْجِدِ الحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) ( الحج ـ ٢٥ ).
٣. ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) ( لقمان ـ ٦ ). فالجملة الخبرية بمعنى الانشاء وتحريم الاشتراء ولذا استدل الفقهاء بها على حرمة كسب المغنيّات تبعاً للسنّة
فذم سبحانه كل من اشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله كائناً من كان إلى غير ذلك من الآيات.
الرابع : يقضي صريح القرآن بأنّ هدايته لا تختص بمجتمع خاص ، بل تعم كل من تظلّه السماء ، وتقلّه الأرض. ودونك بعضها :
١. ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا ) ( النساء : ١٧٤ ).
٢. ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ ... ) ( البقرة ـ ١٨٥ ).
٣. ( وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) ( الزمر : ٢٧ ).
٤. ( الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) ( إبراهيم ـ ١ ).
أليست هذه الآيات صريحة في أنّ القرآن نور وهدى للناس كلّهم ، لا للع
رب خاصة ، ومع ذلك كيف يمكن أن نحمل رسالته على أنّها مختصة باُمّة دون اُمّة ؟! هذا ونجد سبحانه يقول : ( وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) ( الجمعة : ٣ ) وما المراد من ال : ( وَآخَرِينَ مِنْهُمْ ) ـ أي من المؤمنين ـ ؟ أليس المراد كل من جاء بعد الصحابة إلى يوم القيامة من العرب والعجم ؟ فالآية دالة على عمومية الرسالة مضافاً إلى خاتميتها.