السحر في اللغة على معنيين الخداع والشعوذة، وما لطف من الأشياء وقد ورد ذكره في القرآن في 51 موضعاً منها بمعنى الخداع والشعوذة كما في قوله تعالى ( فَإِذا حِبالُهُمْ وَ عِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى) وقوله تعالى( فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَ اسْتَرْهَبُوهُم) ويستفاد من هذه النصوص ان السحر ليس له حقيقة.
وأما المعنى الثاني فهو أن للسحر حقيقة وأثراً واقعياً مستدلين بقوله تعالى (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِه ) ولم يشر القرآن هل أن تاثير السحر نفسياً أم جسمياً . وقد اجمع الفقهاء على حرمة تعلم السحر وممارسته وان الساحر حكمه القتل ان كان مسلما كما جاء عن أمير المؤمنين (من تعلم من السحر قليلاً أو كثيراً فقد كفر وكان آخر عهده بربه) ولكن يجوز تعلم السحر لغرض ابطاله وتخليص الناس من شره وقد يجب ذلك في موارد لمنع نزول الاذى بالناس لقول الامام الصادق ( لسائل سأله عن تعلم السحر فقال له (حل ولا تعقد) .
إن السحرة يستفيدون من العلوم المعروفة التي تبين صفات المواد المختلفة الفيزيائية والكيميائية والسمية وتأثيرها في المحيط (وهذه الاستفادة ليست محرمة بذاتها اذا كانت لفائدة الناس) ولكن المحرم هو استغلال خواص هذه المواد المجهولة عند عامة الناس لتضليلهم وخداعهم وهذا من مصاديق السحر، لأن عامة الناس يجهلون هذه الخواص كما هو عند تمدد الزئبق بحرارة الشمس أوتغيرألوان المواد الكيميائية عند إضافتها الى بعضها البعض أو ظاهرة التسامي في بعض المواد أوغيرها من الصفات .
وخلاصة القول ان السحر الذي ذكره القرآن نوع من الشعوذة والخداع وتصوير الباطل بصورة الحق وليس له حقيقة حيث ان اللَّه سبحانه قد كذّب السحر وأهله ( يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى) - إلى قوله (ولا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى ). و لا يضر أحد إلا بإذن الله تعالى لقوله تعالى ( وَ ما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّه ) والرسول الأعظم قال: (من مشى إلى ساحر أو كاهن أو كذاب يصدقه فقد كفر بما أنزل اللَّه ). و يقول الإمام الصادق (ان الساحر اعجز واضعف من ان يغير خلق الله ولو قدر الساحر لدفع عن نفسه الضرر والمرض والأذى والشيب )
والسؤال المطروح بقوة و ما تقولون في قوله تعالى( وَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) ؟والجواب إن الآية لاتتحدث عن سحر النساء بالنفث في عقد الخيط وماشابه وانما تتحدث عن سعيهن لاجتذاب قلوب الرجال واستمالتهم وكأنهن ينفثن في قلوبهم وهذا يسلبهم العزم والهمة لميلهم الشديد لارضائهن . وكذلك كل مشعوذ محتال يتاجر بخداع الناس وتضليلهم سواء أنفث في العقد مدعيا تسخير الجن كذبا ونفاقا ، أم لم ينفث . . وخص سبحانه النفاثات بالذكر لأنها مظهر الشعوذة وعنوان النفاق .
وأشد أنوع السحر هو النميمة التي تفرق بين المتحابين وتجلب العداوة بين المتصادقين لقول الصادق( وَ إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ السِّحْرِ النَّمِيمَةَ يُفَرَّقُ بِهَا بَيْنَ الْمُتَحَابَّيْن)
. ونختم بقول النبي الاكرم ( المصدق بالسحر ملعون وهو من أكبر الكبائر) .