قال تعالى (( انا سنلقي عليك قولا ثقيلا)) المزمل 5
إن القرآن الكريم ثقيل بكل ما في هذه الكلمة من معنى‘ فهو ثقيل في إعجازه وخلوده وفي عقيدته وشريعته وفي نضاله ضد الأقوياء والمفسدين والطغاة المترفين وكذلك في تكاليفه الشاقة وأشقها هو الجهاد وأشق أنواعه تغيير القلوب والمشاعر والقضاء على العقائد الفاسدة والتقاليد الموروثة ، وإستئصال الفساد من جذوره وهذا هو تكليف أبو القاسم محمد (صلى الله عليه واله ) فلقد بعثه الله سبحانه ليتمم مكارم الأخلاق للبشرية كلها ويخرج الناس من الظلمات الى النور وأي تكليف أثقل وأشق من هذا التكليف ؟ ومن الذي يستطيع أن يُغيّر أخلاق أسرته وخصوصا في عصر الجاهلية أفسد العصور وأكثرها طغيانا ؟ ولكن النبي (صلى الله عليه واله) تغلب على جميع الصعاب وقام بالأمر على أكمل وجه والسر في ذلك يكمن في قوة شخصيته وعظمتها وفي صبره العجيب على تحمل الأذى في سبيل دعوته فكان يزداد صبراً وحلماً كلما ازداد الطغاة في أذاه ولا يزيد على قوله (( اللهم اغفر لقومي فانهم لا يعلمون وان لم يكن بك غضب علي فلا ابالي )) والى هذا اشار قوله تعالى (( الله اعلم حيث يجعل رسالته )) الأنعام 124، نعم الله يعلم ان شخصية محمد (صلى الله عليه واله) أقوى من العقائد والتقاليد الفاسدة ومن الناس مجتمعين ولولا علمه بذلك لما بعث محمداً ليتمم للبشرية مكارم الاخلاق وقد اشار الى ذلك الاديب العالمي الشهير (برناردشو) (1) حيث قال: لو كان محمد بن عبد الله في القرن العشرين لقضى على ما فيه من فساد.
1 - التفسير الكاشف ج7 ص 336