الساعة الكبرى من منظور قرآني



الشيخ علاء الساعدي



 
فرق بين الساعة الاعتبارية والساعة الحقيقية ذات الحقائق، فالأولى للتنظيم والثانية للحكم والمحاكمة الربوبية (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)
[سورة المطففين 6]....
وكما أن هناك انتظار للساعة الاعتبارية كذلك يوجد انتظار للساعة الحقيقية القيامية (وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ)
[سورة هود 122]
ولكن بين الانتظارين بعد بعيد وفارق عنيد، فإنتظار الساعة الأولى لجميع الخلق والبشر إذ يتساوى فيها البر والفاجر والصالح والطالح والنقي والمدنس... وقد يترتب على ذلك نسيان الساعة الحقيقية، فيما كان ينبغي أن تكون هذه مذكرة لتلك الساعة الكبرى وعدم الغفلة عنها بل قد يزيد الحمق الروحي عن حده ويخر في وادي(( الاستهزاء)) السحيق قال (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا)[سورة الشورى 18]
وقال تعالى (وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ)
[سورة المؤمنون 33].
بينما الساعة الثانية المسماة ( بالطامة) وانتظارها خاص بأهل الله سبحانه الذين تروضت نفوسهم بالعبودية وترسخت أشجار المحبة في قلوبهم وثبتت جذور اليقين في سويداء قلوبهم فهم على ذكر دائم لتلك الساعة العصيبة...
 
 قال تعالى (...وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ ۗ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ)[سورة الشورى 18] . فعلمهم كان هو سبب نجاتهم بأن الساعة حق وأنها لا محيص من وقوعها وأتيانها فأتت الخشية والإشفاق منها ....
 ومصدر إيمانهم بالساعة هو لأنهم (يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)[سورة البقرة 3]
فالإيمان بالغيب هو الأساس في ترتب الآثار السلوكية... ولكن ذلك الإيمان ذو درجات وليس على وتيرة واحدة فاشتداد الإيمان يؤدي إلى انضباط السلوك وعكسه يؤدي إلى الانحلال والتفسخ.