د. عبد الجبار الرفاعي ----------------------- القرآن الكريم كتاب تسري فيه روح واحدة، مضامينه تتوحد في نسيج عضوي متماسك، ويسوده نظام كلي، يتطلب فهمه أن نكتشف المنطق الذاتي الذي يتحدث فيه القرآن عن نفسه، والرؤية للعالَم التي يرسمها... في القرآن تتحدث كل فكرة ومفهوم ومقولة للأخرى، وتتبصر كل آية دلالتها ووجهتها في أفق الرؤية للعالَم التي يرسمها، من خلال آياته الأخرى بمجموعها... القرآن الكريم كتاب تحيل فيه الفروع على الأصول، والجزئيات على الكليات، والصغريات على الكبريات. توحيد الله، واجتثاث كل أشكال الوثنية المتجسدة في حجر أو بشر، هو حجر الزاوية في كل ما ينشده القرآن. التوحيد ينبثق منه، ويتفرع عنه، ويعود اليه كلُّ شيء أورده القرآن... يحضر الله في القرآن بنحو لا نراه في كتاب مقدس آخر، وبما انه لا يمكن فهم ما ينشده القرآن إلا في ضوء المنطق الداخلي له، وفي أفق الرؤية التي يرسمها للعالَم، فلا يمكن اكتشاف هذا المنطق إلا باكتشاف نمط الصورة التي يرسمها القرآن لله... صورة الله في القرآن تتجلى في الله الرحمن الرحيم، الذي كتب "على نفسه الرحمة"... وذلك ما تحدثنا عنه بالتفصيل في فصل: "الرحمة الالهية مفتاح فهم القرآن"، من كتابنا: "الدين والاغتراب الميتافيزيقي".