الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي
حينما يتعلق الامر بالحسين عليه السلام فالأمر مختلف, فكل ما يتعلق بالحسين سرٌّ عجيب؛ ولا نستغرب حيرة الناظرين والمتأملين وكل من زاويته التي يختص بها, فعلى سبيل المثال نجد أن الخلود سمة اتصف به كل من كان في ركبه عليه السلام, فمهما طال الزمان فالحسين مخلدٌ, وعلى الرغم من اندراس قبره وقبور أصحابه عشرات المرات على يديْ الظالمين وفي مختلف العصور المتعاقبة إلا إنها تعود وضِّاءة أكثر من ذي قبلٍ بعد ذلك, وتعود القصص والعبر وكأنها تلد من جديد, ويتأثر بها العباد سيما المؤمنون ويتفاعلون معها على أنها كانت الساعة؛ ليكون الأمر كما قال صلى الله عليه وآله : (إنَّ لقتل الحسين عليه السلام حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً), ولتكون مسيرة الخلود متصلة.
إن الخلود في ساحة الحسين فنٌ عجيب؛ والامر ليس متعلقاً فقط بمن كان معه؛ بل تعداه إلى كل من كان مخلصاً في نيته ليكون مع الحسين عليه السلام إلا أنه حال بينه وبين الحسين عليه السلام حائلٌ, فنجد أم البنين عليها السلام خالدة وبين يديها الكرامات تتسارع؛ لأنها خطِّت لنفسها سجلاً حافلاً مع الحسين عليه السلام؛ ليس لأنها قدمت أبناءها الاربعة شهداء؛ بل لأنها كانت مع الحسين عليه السلام قلبا صادقاً متواضعاً وتقدّمه على أبنائها باعتباره الحجة لله تعالى, وكونه وديعة الزهراء عليها السلام.
من المهم أن ندرك أن الأمر ليس مقتصراً على سرِّ الخلود فحسب؛ بل جميع القوانين مع الحسين مختلف؛ فاليوم نقف في زاوية قوانين الصحة مبهوتين, فكما هو معلوم أن فايروس كورونا عطَّل الحياة في مختلف جوانبها, والدول العظمى بكل ما أوتيت من الامكانيات الطبية عاجزة عن تحديد انتشار الفايروس, ولا يجدون أفضل من العزلة ومنع الاختلاط وفك الزحامات لتجنب هذا الوباء والبلاء؛ أما الامر مع الحسين فمختلف تماما, فبعد أن توقفت مسيرة الحجاج إلى بيت الله تعالى رعاية الوضع والظرف تزاحم الناس على أبواب الحسين عليه السلام, ففي عاشوراء كانت المفاجآت متوالية وتوقعنا انتشاراً كبيراً للفايروس في وسط الزوار الذين ضربوا قوانين الصحة عرض الحائط ولم تمنعهم التوجيهات ولا التوصيات وإن كانت كثيرة؛ ليس لأنهم لا يسمعون؛ بل لأنهم يشعرون بأن مع الحسين أمانٌ لا ضرر أبدا.
واليوم تشهد كربلاء في زيارة الاربعين حضورا كبيراً وملفتاً للنظر في ظل التوقعات بازدياد عدد الاصابات؛ ولكن الامر مختلف ففي هذه الايام على عكس الايام السابقة نشهد انخفاضاً ملحوظا في عدد الاصابات؛ على الرغم من ملايين الزوار الذين قصدوا كربلاء, وهذا يستلزم دراسة الامر من جوانب متعددة؛ وإن كنت موقنا بأن الفايروس أيضاً مأمور, ولا استغرب ابتعاده عن الزوار كرامة لسيد الشهداء؛ ولتبقى كربلاء قبلة للسائرين رغم التحديات المتجددة؛ وليبقى الأمر سراً حينما يتعلق بالحسين عليه السلام.