الصبر من عزم الأمور



قال تعالى في كتابه العزيز ((يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ))لقمان: 17..

وقال تعالى ((إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ*وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ))الشورى: 42، 43..


كلتا الآيتين تتناولان الصبر ولكن في الثانية كان هناك تأكيد وجاء هذا التأكيد بحرف (اللام) فلماذا جاء هذا التأكيد؟


فالآية الأولى تصف الصبر على ما يتأتى من الله سبحانه وتعالى ولا يد في العبد في دفعه إلاّ الصبر عليه وهو من الأمور الممدوحة، والآية الثانية تصف الصبر الذي يأتي على عبد من أحد من الناس فيظلمه فيصبر، ويعظُم هذا الصبر إذا كان المظلوم مقتدراً على البطش بالظالم ومع ذلك يصبر.

فيتحصّل من ذلك انّ الصبر في الآية الأولى لا مدخلية للعبد فيه فكانت الآية خالية من التأكيد

أما في الآية الثانية فكان العبد يحتاج الى زيادة في الصبر وزيادة في العزم، لأن باستطاعته الرد وصبر ولم يرد، فاضيفت اللام للتأكيد..


وهنا في المقام نكتة يجدر الاشارة اليها في الآية الثانية، وهو انّ المغفرة جاءت بعد الصبر..

وهذا أمر واضح، لأنّ المغفرة لاتأتي إلاّ عمن أمسك نفسه وصبّرها ولم يجعلها تنتقم ممن ظلمها، فعدم وجود الصبر لا يمكن أن تتواجد المغفرة، لذا جاءت الآية على هذا الترتيب بتقديم الصبر على الغفران..