القرآن يتحدث عن الماء المقطر



القرآن الكريم هو أول كتاب يفرّق بين أنواع المياه ويصنفها تصنيفاً علمياً، وفي هذه المقالة نكتشف كيف تحدث القرآن عن ماء المطر وسمّاه بالماء الطهور، و قد ثبت علمياً أن ماء المطر مطهر ومعقم وخالٍ من أي شوائب.

يقول سبحانه وتعالى.. (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا)/ (الفرقان:48). فقد تأملتُ هذه الآية طويلاً ووجدتها تتحدث بدقة عن مواصفات ما يسميه العلماء بالماء المقطر. فقد اكتشف العلماء أن الماء الذي نشربه يحتوي على الكثير من المواد والأحياء. ويمكن تنقيته بتسخينه حتى درجة الغليان أي مئة درجة مئوية، ثم جمع البخار وتكثيفه وتبريده، والحصول على الماء المقطر الذي يكون نقياً لدرجة كبيرة. ويقولون أيضاً إن أفضل أنواع الماء المقطر هو ماء المطر، ولكن قبل سقوطه على الأرض وتلوثه بالملوثات الموجودة في الهواء.

إن سقوط المطر ينظف الجو نتيجة التلوث البيئي الحاصل لأن ماء المطر وهو ماء مقطَّر يتميز بشراهته لامتصاص المواد، فيمتص من الجو غاز الكبريت وغيره من المواد والمعادن مثل الرصاص السام، وهكذا يكون طعم ماء المطر حامضياً. مع العلم أنه في الماضي كان ماء المطر نقياً لأن الجو لم يكن قد تلوث.

حينما ينزل ماء المطر على الأرض يتسرب عبر التربة وبين الصخور ويسلك مسارات معقدة جداً، وخلال رحلته يمتزج ببعض المعادن والأملاح الموجودة في الصخور، ويأخذ طعماً قلوياً شيئاً ما. ولذلك نجد أن طعم الماء المقطر غير مستساغ لأنه عديم الطعم، بينما طعم ماء الينابيع يكون مستساغاً.

مواصفات ماء المطر

من خصائص الماء النازل من السماء (ماء المطر) أنه ماءٌ مقطرٌ 100% فهو ناتج عن تبخر الماء من البحار وتكثفه على شكل غيوم ثم ينزل مطراً، لذلك هو ماء نقي تماماً. ماء المطر يستطيع نزع الأوساخ من على جلد الإنسان أكثر من الماء العادي، لذلك يعتبر هذا الماء مادة معقمة ومطهرة تستخدم في الطب. وهو خالٍ من الفيروسات والبكتريا، وهو أيضاً ماء يمتلك خاصية امتصاص المعادن والغازات والغبار وأي مادة تصادفه بنسبة كبيرة، لذلك هو مادة مطهرة للجوّ أيضاً.

وبعد معرفتنا لهذه الصفات نجد أنها تجتمع في كلمة واحدة وهي التي عبر بها القرآن عن حقيقة ماء المطر في قوله تعالى.. (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا)/ (الفرقان:48). فكلمة (طَهَرَ) في اللغة تعني إزالة الأوساخ والنجاسات والتنزه عنها كما في القاموس المحيط. 

وليس غريباً أن نجد القرآن يحدثنا عن هذه الخصائص بشكل واضح في قوله تعالى.. (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ)/ (الأنفال:11). هذه الآية تتحدث عن ماء المطر من خلال قوله تعالى: (مِنَ السَّمَاءِ مَاءً) وتحدثنا عن خاصية التطهير الموجودة في هذا الماء في قوله عز وجل: (لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) وتحدثنا عن خاصية الطاقة التي يمتلكها هذا الماء والتي تؤثر على الإنسان في إعطائه الدفع والقوة لتثبت قدماه عند لقاء العدو، أي الحديث هنا عن الطاقة التي يستطيع الإنسان بواسطتها المواجهة أكثر، وذلك في قوله تعالى: (وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ).

هنالك شيء آخر وهو أن القرآن أول كتاب تحدث عن خاصية التطهير الموجودة في ماء المطر أو الماء المقطر، وهذه الصفة كما قلنا لم تُستخدم في القرآن إلا مع ماء السماء. بينما نجد كتب البشر لا تفرق بين الماء العذب والماء الطهور والماء الفرات، على حين القرآن ميز بينها ووضع كل كلمة في مكانها الدقيق.

وأمام هذه الحقائق نسأل أولئك الملحدين الذين يدعون أنهم يفكرون بشكل منطقي، وأنهم ليسوا بحاجة لفكرة "الله" (تعالى الله عن ذلك) ونقول لهم: لماذا جاء تعبير (طهوراً) أثناء الحديث عن ماء المطر، ولم يأت هذا التعبير مع ماء النهر أو البحر مثلاً؟ بل من الذي أحكم هذه القوانين الفيزيائية التي تحكم حركة الغيوم ونزول المطر؟ ونجيبهم: إنه الله القائل.. (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)/ (الرعد:16).