قال تعالى ( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً )
الكهف 23
من الواضح أن بين الفاعل و الهدف الذي يقصده أو الغاية التي يسعى اليها عدة أفعال ومجموعة خطوات لا بد من إنجازها وإخراجها إلى حيز الفعلية والتحقق غير أن هذه الأفعال المتوسطة بين الفاعل و هدفه لا تخضع لسلطانه بشكل مطلق بل لها ارتباط بالمحيط الاجتماعي والطبيعي ( والله من وراءهم محيط ) مما يؤدي إلى تلكؤ وعرقلة في إنجاز الفاعل و هذا من الوضوح بمكان .
ولما كانت كافة الأسباب بيد الله ( ما من شفيع إلا من بعد أذنه ) فإنه من الأدب العبودي و العقائدي أن يأخذ الفاعل بالحسبان المشيئة الإلهية و نفاذها و يربطها بما يقدم عليه ( وما تشاؤون إلا أن يشاء الله ) فإن وسمها الفاعل بالجنية الإلهية بورك في فعله . فإن علم الله فيه مصلحة للعبد أعطاه وذلك بتوافق الأسباب والا صرفه عنه وذلك بتخلف الأسباب وعدم اكتمالها ، إذن ( لله الأمر من قبل ومن بعد ) .
إن الفاعل هو أحد الأسباب وليس له الهيمنة و السلطان الكامل على الانجاز المعين . فكان لا بد من تذكيره بذلك أن كان ناسياً أو تنبيهه أن كان غافلا أو تعليمه أن كان جاهلا ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) ، وفي كل ذلك نفع له وتربية إلهية لئلا يبتعد عن ربه ، ( عرفت ربي بفسخ العزائم ونقض الهمم ) فلله الحيلولة لا معقب لحكمه ( أن الله يحول بين المرء وقلبه )
إذن المؤمن لا يجزم على فعل شيء وينسى المشيئة الإلهية ، بل لله فيه الخيرة و الخير فيما يختاره الله .