تفسير القمي: فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي رَفَعَهُ قَالَ سُئِلَ الصَّادِقُ (ع) عَنْ جَنَّةِ آدَمَ أَ مِنْ جِنَانِ الدُّنْيَا كَانَتْ أَمْ مِنْ جِنَانِ الْآخِرَةِ فَقَالَ كَانَتْ مِنْ جِنَانِ الدُّنْيَا تَطْلُعُ فِيهَا الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ لَوْ كَانَتْ مِنْ جِنَانِ الْآخِرَةِ مَا أُخْرِجَ مِنْهَا أَبَداً آدَمُ وَ لَمْ يَدْخُلْهَا إِبْلِيسُ.
قَالَ: أَسْكَنَهُ اللَّـهُ الْجَنَّةَ وَ أَتَى جَهَالَةً إِلَى الشَّجَرَةِ فَأَخْرَجَهُ لِأَنَّهُ خَلَقَ خِلْقَةً لَا تَبْقَى إِلَّا بِالْأَمْرِ وَ النَّهْيِ وَ اللِّبَاسِ وَ الْأَكْنَانِ وَ النِّكَاحِ وَ لَا يُدْرِكُ مَا يَنْفَعُهُ مِمَّا يَضُرُّهُ إِلَّا بِالتَّوْقِيفِ فَجَاءَهُ إِبْلِيسُ فَقَالَ: إِنَّكُمَا إِنْ أَكَلْتُمَا مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الَّتِي نَهَاكُمَا اللَّـهُ عَنْهَا صِرْتُمَا مَلَكَيْنِ وَ بَقِيتُمَا فِي الْجَنَّةِ أَبَداً وَ إِنْ لَمْ تَأْكُلَا مِنْهَا أَخْرَجَكُمَا اللَّـهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَ حَلَفَ لَهُمَا أَنَّهُ لَهُمَا نَاصِحٌ كَمَا قَالَ اللَّـهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُ "ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ"الاعراف(20) "وَ قاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ"الاعراف(21).
فَقَبِلَ آدَمُ قَوْلَهُ فَأَكَلَا مِنَ الشَّجَرَةِ فَكَانَ كَمَا حَكَى اللَّـهُ "بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما"الاعراف(22)
"وَ سَقَطَ عَنْهُمَا مَا أَلْبَسَهُمَا اللَّـهُ مِنْ لِبَاسِ الْجَنَّةِ وَ أَقْبَلَا يَسْتَتِرَانِ بِوَرَقِ الْجَنَّةِ وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ" الاعراف(22) فَقَالا كَمَا حَكَى اللَّـهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُمَا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ" الاعراف(23) فَقَالَ اللَّـهُ لَهُمَا "اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ" الاعراف(24) قَالَ: إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَوْلُهُ "فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَ قُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ"الاعراف(36)
فَهَبَطَ آدَمُ عَلَى الصَّفَا وَ إِنَّمَا سُمِّيَتِ الصَّفَا لِأَنَّ صَفْوَةَ اللَّـهِ نَزَلَ عَلَيْهَا وَ نَزَلَتْ حَوَّاءُ عَلَى الْمَرْوَةِ وَ إِنَّمَا سُمِّيَتِ الْمَرْوَةُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ نَزَلَتْ عَلَيْهَا فَبَقِيَ آدَمُ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً سَاجِداً يَبْكِي عَلَى الْجَنَّةِ فَنَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ (ع).
فَقَالَ: يَا آدَمُ أَ لَمْ يَخْلُقْكَ اللَّـهُ بِيَدِهِ وَ نَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَ أَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ قَالَ: بَلَى، قَالَ: وَ أَمَرَكَ أَنْ لَا تَأْكُلَ مِنَ الشَّجَرَةِ فَلِمَ عَصَيْتَهُ قَالَ: يَا جَبْرَئِيلُ إِنَّ إِبْلِيسَ حَلَفَ لِي بِاللَّـهِ إِنَّهُ لِي نَاصِحٌ وَ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ خَلْقاً يَخْلُقُهُ اللَّـهُ أَنْ يَحْلِفَ بِاللَّـهِ كَاذِبا .