كيف عرف إبراهيم ربه؟


تفسير القمي: و أما قوله‏ (ع) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى‏ كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ‏ أي غاب‏ قالَ {لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ‏} فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَفْوَانَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّـهِ (ع): إِنَّ آزَرَ أَبَا إِبْرَاهِيمَ كَانَ مُنَجِّماً لِنُمْرُودَ بْنِ كَنْعَانَ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أَرَى فِي حِسَابِ النُّجُومِ أَنَّ هَذَا الزَّمَانَ يُحْدِثُ رَجُلًا فَيَنْسَخُ هَذَا الدِّينَ وَ يَدْعُو إِلَى دِينٍ آخَرَ، فَقَالَ نُمْرُود: ُ فِي أَيِّ بِلَادٍ يَكُونُ قَالَ: فِي هَذِهِ الْبِلَادِ، وَ كَانَ مَنْزِلُ نُمْرُودَ بكوني [بِكُوثَى‏] ربا [رُبَى‏] [كوثى ريا]

فَقَالَ لَهُ نُمْرُودُ: قَدْ خَرَجَ إِلَى الدُّنْيَا قَالَ آزَر: ُ لَا، قَالَ: فَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ، فَفَرَّقَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ، وَ حَمَلَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ (ع) وَ لَمْ تُبَيِّنْ حَمْلَهَا، فَلَمَّا حَانَ وِلَادَتُهَا قَالَتْ: يَا آزَرُ إِنِّي قَدِ اعْتَلَلْتُ وَ أُرِيدُ أَنْ أَعْتَزِلَ عَنْكَ، وَ كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ الْمَرْأَةُ إِذَا اعْتَلَّتْ اعْتَزَلَتْ عَنْ زَوْجِهَا، فَخَرَجَتْ وَ اعْتَزَلَتْ عَنْ زَوْجِهَا وَ اعْتَزَلَتْ فِي غَارٍ، وَ وَضَعَتْ بِإِبْرَاهِيمَ (ع) فَهَيَّأَتْهُ وَ قَمَطَتْهُ، وَ رَجَعَتْ إِلَى مَنْزِلِهَا وَ سَدَّتْ بَابَ الْغَارِ بِالْحِجَارَةِ، فَأَجْرَى اللَّـهُ لِإِبْرَاهِيمَ (ع) لَبَناً مِنْ إِبْهَامِهِ، وَ كَانَتْ أُمُّهُ تَأْتِيهِ وَ وَكَّلَ نُمْرُودُ بِكُلِّ امْرَأَةٍ حَامِلٍ فَكَانَ يَذْبَحُ كُلَّ وَلَدٍ ذَكَرٍ، فَهَرَبَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ بِإِبْرَاهِيمَ مِنَ الذَّبْحِ، وَ كَانَ يَشِبُّ إِبْرَاهِيمُ فِي الْغَارِ يَوْماً كَمَا يَشِبُّ غَيْرُهُ فِي الشَّهْرِ، حَتَّى أَتَى لَهُ فِي الْغَارِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ زَارَتْهُ أُمُّهُ.

فَلَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تُفَارِقَهُ تَشَبَّثَ بِهَا، فَقَالَ: يَا أُمِّي أَخْرِجِينِي، فَقَالَتْ لَهُ: يَا بُنَيَّ إِنَّ الْمَلِكَ إِنْ عَلِمَ أَنَّكَ وُلِدْتَ فِي هَذَا الزَّمَانِ قَتَلَكَ، فَلَمَّا خَرَجَتْ أُمُّهُ وَ خَرَجَ مِنَ الْغَارِ وَ قَدْ غَابَتِ الشَّمْسُ نَظَرَ إِلَى الزُّهَرَةِ فِي السَّمَاءِ، فـَ {قالَ هذا رَبِّي‏ فَلَمَّا أَفَلَتْ} قَالَ لَوْ كَانَ هَذَا رَبِّي مَا تَحَرَّكَ وَ لَا بَرِحَ.

 ثُمَّ قَالَ: {‏لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ‏} الْآفِلُ الْغَائِبُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى الْمَشْرِقِ رَأَى وَ قَدْ طَلَعَ الْقَمَرُ، قالَ: هذا رَبِّي‏ هَذَا أَكْبَرُ وَ أَحْسَنُ فَلَمَّا تَحَرَّكَ وَ زَالَ قَالَ: {لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ}‏ فَلَمَّا أَصْبَحَ وَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَ رَأَى ضَوْءَهَا وَ قَدْ أَضَاءَتِ الدُّنْيَا لِطُلُوعِهَا قالَ: هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ وَ أَحْسَنُ فَلَمَّا تَحَرَّكَتْ وَ زَالَتْ كَشَفَ اللَّـهُ لَهُ عَنِ السَّمَاوَاتِ حَتَّى رَأَى الْعَرْشَ وَ مَنْ عَلَيْهِ وَ أَرَاهُ اللَّـهُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْض فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ: {‏يا قَوْمِ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ‏} فَجَاءَ إِلَى أُمِّهِ وَ أَدْخَلَتْهُ دَارَهَا وَ جَعَلَتْهُ بَيْنَ أَوْلَادِهَا.