حرق إبراهيم وإعلان الخلاص
{كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً}
تفسير القمي: فَقَالَ الصَّادِقُ (ع) كَانَ فِرْعَوْنُ إِبْرَاهِيمَ لِغَيْرِ رُشْدٍ وَ أَصْحَابُهُ لِغَيْرِ رُشْدٍ [فِرْعَوْنُ إِبْرَاهِيمَ لِغَيْرِ رُشْدِهِ وَ أَصْحَابُهُ لِغَيْرِ رُشْدِهِمْ] فَإِنَّهُمْ قَالُوا لِنُمْرُودَ: {حَرِّقُوهُ وَ انْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ} الانبياء(68).
وَ كَانَ مُوسَى وَ أَصْحَابُهُ رِشْدَةً فَإِنَّهُ لَمَّا اسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ فِي مُوسَى{قَالُوا أَرْجِهْ وَ أَخاهُ وَ أَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ* يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ}الاعراف(111-112).
فَحَبَسَ إِبْرَاهِيمَ وَ جَمَعَ لَهُ الْحَطَبَ حَتَّى إِذَا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي أَلْقَى فِيهِ نُمْرُودُ إِبْرَاهِيمَ فِي النَّارِ، بَرَزَ نُمْرُودُ وَ جُنُودُهُ وَ قَدْ كَانَ بُنِيَ لِنُمْرُودَ بِنَاءٌ لِيَنْظُرَ مِنْهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ كَيْفَ تَأْخُذُهُ النَّارُ فَجَاءَ إِبْلِيسُ وَ اتَّخَذَ لَهُمُ الْمَنْجَنِيقَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ وَاحِدٌ أَنْ يَقْرُبَ مِنْ تِلْكَ النَّارِ عَنْ غُلْوَةِ سَهْمٍ وَ كُلُّ الطَّائِرِ مِنْ مَسِيرَةِ فَرْسَخٍ يَرْجِعُ عَنْهَا أَنْ يَتَقَارَبَ مِنَ النَّارِ وَ كَانَ الطَّائِرُ إِذَا مَرَّ فِي الْهَوَاءِ يَحْتَرِقُ فَوُضِعَ إِبْرَاهِيمُ (ع) فِي الْمَنْجَنِيقِ وَ جَاءَ أَبُوهُ فَلَطَمَهُ لَطْمَةً وَ قَالَ لَهُ: ارْجِعْ عَمَّا أَنْتَ عَلَيْهِ.وَ أَنْزَلَ الرَّبُّ مَلَائِكَتَهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ إِلَّا طَلَبَ إِلَى رَبِّهِ وَ قَالَتِ الْأَرْضُ: يَا رَبِّ لَيْسَ عَلَى ظَهْرِي أَحَدٌ يَعْبُدُكَ غَيْرُهُ فَيُحْرَقُ وَ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَا رَبِّ خَلِيلُكَ إِبْرَاهِيمُ يُحْرَقُ، فَقَالَ اللَّـهُ عَزَّ وَ جَلَّ: أَمَا إِنَّهُ إِنْ دَعَانِي كَفَيْتُه وَ قَالَ جَبْرَئِيلُ: يَا رَبِّ خَلِيلُكَ إِبْرَاهِيمُ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ أَحَدٌ يَعْبُدُكَ غَيْرُهُ سَلَّطْتَ عَلَيْهِ عَدُوَّهُ يُحْرِقُهُ بِالنَّارِ فَقَالَ: اسْكُتْ إِنَّمَا يَقُولُ هَذَا عَبْدٌ مِثْلُكَ يَخَافُ الْفَوْتَ هُوَ عَبْدِي آخُذُهُ إِذَا شِئْتُ فَإِنْ دَعَانِي أَجَبْتُهُ فَدَعَا إِبْرَاهِيمُ (ع) رَبَّهُ بِسُورَةِ الْإِخْلَاصِ (يَا اللَّـهُ يَا وَاحِدُ يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ يَا مَنْ{لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} الاخلاص (3-4) نَجِّنِي مِنَ النَّارِ بِرَحْمَتِكَ).
فَالْتَقَى مَعَهُ جَبْرَئِيلُ فِي الْهَوَاءِ وَ قَدْ وُضِعَ فِي الْمَنْجَنِيقِ فَقَالَ: يَا إِبْرَاهِيمُ هَلْ لَكَ إِلَيَّ مِنْ حَاجَةٍ؟
فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: أَمَّا إِلَيْكَ فَلَا وَ أَمَّا إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَنَعَمْ فَدَفَعَ إِلَيْهِ خَاتَماً عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّـهِ أَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَى اللَّـهِ أَسْنَدْتُ أَمْرِي إِلَى[قُوَّةِ] اللَّـهِ وَ فَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَى اللَّـهِ، فَأَوْحَى اللَّـهُ إِلَى النَّارِ{كُونِي بَرْداً}الانبياء (69).
فَاضْطَرَبَتْ أَسْنَانُ إِبْرَاهِيمَ مِنَ الْبَرْدِ حَتَّى قَالَ:{وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ} الانبياء(69).
وَ انْحَطَّ جَبْرَئِيلُ وَ جَلَسَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ فِي النَّارِ وَ نَظَرَ إِلَيْهِ نُمْرُودُ فَقَالَ: مَنِ اتَّخَذَ إِلَهاً فَلْيَتَّخِذْ مِثْلَ إِلَهِ إِبْرَاهِيمَ.
فَقَالَ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَاءِ أَصْحَابِ نُمْرُودَ: إِنِّي عَزَمْتُ عَلَى النَّارِ أَنْ لَا تُحْرِقَهُ فَخَرَجَ عَمُودٌ مِنَ النَّارِ نَحْوَ الرَّجُلِ فَأَحْرَقَتْهُ {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ}العنكبوت (26). وَ خَرَجَ مُهَاجِراً إِلَى الشَّامِ وَ نَظَرَ نُمْرُودُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ فِي النَّارِ وَ مَعَهُ شَيْخٌ يُحَدِّثُهُ فَقَالَ لِآزَرَ: مَا أَكْرَمَ ابْنَكَ عَلَى رَبِّه.
قَالَ: وَ كَانَ الْوَزَغُ يَنْفُخُ فِي نَارِ إِبْرَاهِيمَ وَ كَانَ الضِّفْدِعُ يَذْهَبُ بِالْمَاءِ لِيُطْفِئَ بِهِ النَّارَ قَالَ: وَ لَمَّا قَالَ اللَّـهُ لِلنَّارِ {كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً} الانبياء(69) لَمْ تَعْمَلِ النَّارُ فِي الدُّنْيَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ .ثُمَّ قَالَ اللَّـهُ عَزَّ وَ جَلَّ: {وَ أَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ} الانبياء(70) فَقَالَ اللَّـهُ {وَ نَجَّيْناهُ وَ لُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ}الانبياء(71) يَعْنِي إِلَى الشَّامِ وَ سَوَادِ الْكُوفَةِ وَ كُوثَى رُبَى .