إنّ النظرة القرآنية تختلف عن النظرة المادية، فكثير من الناس يعدون أحياء بحسب النظرة المادية، إلّا أنّهم أموات بحسب النظرة القرآنية .. كأولئك الذين أشارت إليهم الآيات المتقدمة .. و علی العكس منهم الشهداء، فهم بحسب الظاهر أموات، لكنّهم بالمنطق القرآني أحياء خالدون، و السبب في هذا الاختلاف بين النظرتين، هو أنّ الإسلام بالإضافة إلی أنّه يعدّ معيار الحياة الإنسانية و شخصية الإنسان في القيم الروحانية، فهو يری في إيصال النفع الی الآخرين و عدمه معيار الوجود الحياة و عدمها في الإنسان.
فالإنسان الذي يری بحسب الظاهر حيّا، إلّا أنّه غارق في الشهوات، فلا يسمع صرخة لمظلوم، و لا صوتاً لمنادي الحق، و لا ينظر بعين بصيرة فيری آثار اللّه في خلقه، و لا يفكر و لو لحظة واحدة في مستقبله و ماضيه .. فمثل هذا الإنسان ميّت في منطق القرآن، أمّا الذين ما تزال آثارهم تملأ الدنيا بعد موتهم، و أفكارهم أسوة و قدوة للآخرين، فهؤلاء أحياء خالدون...