وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَی النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَ إِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣)



كيف ينظر القرآن للحقوق المتبادلة في المجتمع الإنساني؟

قوله تعالی: «وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ‌» دعاء علی المطففين و التطفيف‌ نقص المكيال و الميزان.
و قد نهی الله تعالی عنه و أسماه إفساداً في الأرض كما فيما حكاه من قول شعيب: «وَ يا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَ الْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَ لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ» هود: ٨٤، و قد تقدم الكلام في تفسير الآية في معنی كونه إفساداً في الأرض.
‏قوله تعالی : «الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَی النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَ إِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ‌» الاكتيال‌ من الناس الأخذ منهم بالكيل، و تعديته لإفادة معنی الضرر، و الكيل إعطاؤهم بالمكيال يقال: كاله طعامه و وزنه وكال له طعامه و وزن له والأول لغة أهل الحجاز وعليه التنزيل و الثاني لغة غيرهم كما في المجمع.
والاستيفاء أخذ الحق تاماً كاملاً، و الإخسار هو الإيقاع في الخسارة.
‏والمعنى.. الذين إذا أخذوا من الناس بالكيل يأخذون حقهم تاماً كاملاً، و إذا أعطوا الناس بالكيل أو الوزن ينقصون فيوقعونهم في الخسران.
من هنا يتبين أن مضمون الآيتين جميعاً ذم واحد وهو أنهم يراعون الحق لأنفسهم ولا يراعونه لغيرهم و بعبارة أخری لا يراعون لغيرهم من الحق مثل ما يراعونه لأنفسهم و فيه إفساد الاجتماع الإنساني المبني علی تعادل الحقوق المتقابلة و في إفساده كل الفساد.